رحلتي إلى ٱخر الدنيا

الفصل الثالث

2

عبر فرانكفورت

لضيق وقتي وركضي في اتجاهات شتى لم أحقق رغبتي بزيارة أهلي وأصدقائي وأصهاري الكثر بالقاهرة' إذ لم أتمكن من تلبية حضور فطور الجمعة الجماعي لدى العزيز شيخ الدين مختار .. مشكيلة .. المعتمد الأول لمحلية دلقو بكل عشرة عطبرة الندية وتلهفي للقاء أحبابي محمد مرسي .. ٱرتمري وسيد جعفر .. أردوان وغيرهما ممن باعدت بيني وبينهم الظروف الزملكانية لكني سعدت بزيارة اللطيفين كامل نصر والفاضل محمد هرون .. سمت في شقتي الفسيحة التي ظللت فيها كالسيف وحدي وبتواصل حميم من العزيزين علي السيد ونادر حامد.
لكن سنحت لي الظروف زيارة العزيز عبد الواحد عز الدين وأسرته وقضاء وقت ماتع معهم وفور وداعهم عدت إلى الشقة والشوارع تزدهي بتراحيب رمضان الاحتفالية اللافتة أحمل أمتعتي إلى مطار القاهرة الدولي الجديد حيث جاء وزن عفشي 23 ك المسموح بها تماما.
في مواضع متعددة تعرضنا للتفتيش الشخصي وما نحمل مع مراجعة شهادة الخلو من كرونا.
الواحدة صباحا حلقت بنا طائرة لوفتهانزا الألمانية اللامعة التي فارقت مطار الخرطوم زمنا بعد أن ظلت تتردد عليه أزمانا.
كانت الطائرة غاصة بالركاب جلهم خواجات وبعد أن سبحت في الأجواء 4 ساعات ها هي تنخفض تدريجيا  إيذانا بالهبوط في مطار فرانكفورت التي أراها من النافذة مع إطلالة صباح يوم رمضان الأول فإذا أنوارها ساطعة تتماوج بين الشفاف والبني المشرب بالأحمر المتوهج فيما تعلو العمارات الشاهقة التي تعد الأعلى ارتفاعا في أوروبا في عاصمة ألمانيا الاقتصادية وقلعتها الصناعية ومقر البنك المركزي الأوروبي' التي تتمدد على نهر ماين فيما تتوج برلين حاضرة ألمانيا السياسية بعد نقلها من بون بعد دمج الألمانيتين' التي يصنفها كثيرون بأجمل مدائن أوروبا.
معلوم أن ألمانيا أقوى دولة اقتصادية في أوروبا وتعد صناعاتها معيارية وحسبها أن علماءها في مقدمة من نهضوا بأمريكا وروسيا على السواء.
هل يكفي أن أضرب مثلا بسيارات مرسيدس أم بفولكسواجن ثالث أضخم شركة بعد تايوتا وجنرال موتورز التي كان يستخدمها مفتشو الغيط في مشروع الجزيرة؟
نخرج من جوف الطائرة ونقدم وثائقنا لمسؤولين يسمحون لنا بالمضي قدما.
نمر بعدئذ على التفتيش الشخصي وحقيبة أوراقي اليدوية' الذي يفضي بنا إلى صالة بها شاشة عرض ضخمة تبرز جداول عشرات الطائرات الصاعدة والهابطة فأجد رحلة سياتل تتصدرها. أما صالة المغادرة إليها فتحمل رقم 
Z 58
هكذا رحت أجتاز مع غيري من المسافرين الصالات والكافتيريات والمحال التجارية الزاهية متتبعا الحروف الأبجدية من A وانتهاء بحرفي z زهاء ساعة كاملة كيف لا وهو ثاني أضخم مطار أوروبي بعد هيثرو في لندن.
أخيرا وصلت الصالة التي تصطف فيها كراسي وثيرة مع تنبيه بأهمية ترك مسافة متر ونصف تباعدا مع الٱخرين.
لم يكن قبلي غير شاب تجاذبت معه الحديث بالإنجليزية لكن ملامحه بدت شرقية فسألت عن بلده فقال إنه مصري من المنصورة في طريقه لسياتل أيضا فسعدنا باللقاء والرفقة وقلبناها عربي فاقترح أن ننتقل إلى كراسي منفصلة مسقوفة ذاتيا أعلى راحة تتزود بسماعات لمن يريد سماع تسجيلات وموضع لشحن الجوال.
كنت بين الفينة والأخرى أطوف بالصالة الزجاجية المديدة أستكشف ملامح أجزاء المدينة القريبة ومعالمها الجميلة وفي بالي البلدوزر أنجيلا ميركل المستشارة الأولى .. الأنموذج.
بعد 5 ساعات ترانزيت ندخل طائرة لوفتهانزا أخرى تقلع بنا عابرة شمالي الكرة الأرضية عبر جرينلاند كبرى الجزر الجليدية وكندا على امتداد 9 ساعات.
كانت الطائرة لحسن الحظ نصف ممتلئة ما جعلني أحتل مقعدي والمجاور وأنام لأصحو على صوت المضيفة الناعم لتناول مأكولات ومشروبات وورائي المصري وأمامنا يمني بزوجته المنقبة وأطفاله اللطفاء أما الٱخرون فألمان وأمريكان في غالبهم. وأتابع مفاصل الرحلة مباشرة على الخريطة الطبوغرافية الحية على الشاشة أمامي' متمنيا أن يأتي سريعا اليوم الذي يدرس فيه طلابنا الجغرافيا على النت بما فيها من تشويق وإثارة.
كانت على يميني بعد الممشى خلف شابة خواجية جميلة ما إن تنحسر كمامتي حتى تأتيني لتنبه بلطف وكأنها طبيبتي الخاصة. أما من تجلس بمحاذاتي فتنهمك في الكتابة باهتمام على دفتر وكأنها ستخضع الغداة لامتحانات الرياضيات في شهادة ثانويات السودان.
أخيرا ها هي الطائرة العملاقة تهبط في مطار سيتاك الدولي في مدينتنا سياتل فنخرج لمراجعة الجوازات ثم تسلم الأمتعة التي ما إن تحركت بها حتى طلب مني عامل وضعها على السير الكهربي وتسلمها قبيل بوابات الخروج.
صعدنا جماعة بسلم كهربي ثم ركبنا قطارا كهربيا صغيرا أفضى بنا إلى مواضع العفش.
كنت أسير تجاه عفشي حين قفز تجاهي من الخارج الباشمهندس جمال صديق الأسرة محتضنا بل حاملا عني العفش مشكورا.
بالخارج كان الترحيب حارا وسيل السيارات يتدفق خلفنا في ولايتنا واشنطن الأولى في أمريكا التي قررت عدم السماح بسير سيارات مشتقات النفط في شوارعها بدءا من 2030 ما ينعى عهد النفط بالاعتماد على الكهرباء والمصادر الأخرى.
  ها نحن أمام بوابة بيتنا الرئيسة' المتموضع بين المطار الدولي والوسط التجاري.

حبابكم سادتي 
الجوة ليكم

أنور محمدين
صفحة أشواط العمر في فيس
سياتل