رحلتي إلى ٱخر الدنيا
الفصل الثالث
3
أشهر في الخرطوم
سافرت والابن بسام ديسمبر الماضي من سياتل إلى الخرطوم عبر إستانبول يدفعنا شوق وتوق للوطن الحبيب.
لكن فوجئنا في المطار بأن شنطنا المشحونة فتحت عنوة ونهبت ليس ما غلا فحسب بل حتى المفراكة الكهربية الحديثة لم تسلم من شهوة التملك فشكونا ولما وجدنا أن الحل بائس يئسنا وصرفنا النظر.
كانت عودتي بعد قرابة عام هذه المرة استثنائية ففي غيابي توفيت أختي الأثيرة فاطمة وعادت أختي أم الحسن من علاج طويل في القاهرة لذا سارع أحبتي بالتواصل حضوريا وهاتفيا معزين' ومهنئين بالشفاء وبوصولي وتغافل بعضهم.
خرجنا بعد استراحة قصيرة لتسليم الأمانات وزيارات المشاطرة وتحية سادتنا كبار السن.
كان يومي الأول الذي قضيته في حيي الأثير في بلاد الحاج يوسف ٱتيا من المعمورة مشبوبا بالعاطفة الدفاقة فقد زرت جيراني الرائعين ومحيطي الجميل بيتا بيتا وسط حفاوة مترعة بالترحاب الهائل.
كانت كرونا تتمدد وتستبد وتخيم على الأجواء فالعزاء بات ينتهي بمراسيم الدفن والأعراس أصبحت تمضي بمن حضر فانكمشت الاجتماعات وضمرت الاجتماعيات.
لكن بعض الناس لا يأبهون ويستهينون فها هي القعدات حول ستات الشاي ماثلة فيما يعتقد البعض الٱخر أن كرونا فرية كذوب أو أن شمس السودان اللاهبة كفيلة بها والنتيجة حصاد الأرواح العزيزة تباعا تاركا الأحزان تسود الأوساط كلها.
كعادتي ظللت مهتما بالشأن العام متابعا متفحصا الأوضاع التي تنغصها غيلان الندرة والغلاء والاستغلال .. أهمها انقطاع الماء أياما وليالي بطيئة الكواكب.
مضيت بعد أشهر راجيا أن يتحقق التالي بفيض الأمل في جوانحي التي تستبعد المستحيل:
.. استيعاب نحو 3 ملايين طفل خارج التمدرس بتعميم التعليم القاعدي فالتعليم قاطرة المستقبل.
.. تصنيع النفايات المتراكمة المستعصية انتفاعا بالمخرجات وتنظيفا لعاصمة تستحق أن تظل لامعة تسر الناظرين لا سيما ضيوفنا.
.. إنشاء مستشفيات عالية الإمكانات تشاركية تقي المواطنين مغبة السفر للخارج بحثا عن علاج مكلف لا قبل للأغلبية بتكاليفه الباهظة' مقرونا بالتوسع في التصنيع الدوائي.
.. عدم تمكين إسرائيل من أراضينا الزراعية وتجنب مدخلاتها كالبذور والأسمدة عطفا على تجارب الٱخرين السالبة مع الاستفادة منها في تصنيع الٱلات والتكنولوجيا.
.. تغيير القوانين التي ترهن الأراضي للأجانب تحت دعاوى الاستثمار لمدد تمتد 70 بل 90 عاما .. هل هذا معقول؟
في تقديري 10 سنوات كافية مع التسهيل للمواطنين خاصة للقطاع التعاوني الذي يحتاج لبث الروح فيه مجددا.
.. إنشاء هيئة تعنى بالاختراعات والمشروعات والأفكار البناءة التي تضج بها صدور المختصين والمهتمين والموهوبين الكفيلة بالقفز بنا قدما مع الاستهداء بتجارب الدول الشبيهة ظروفها .. الناجحة في انطلاقتها كالنمور الإفريقية والٱسيوية.
.. تعميم الرقم الوطني سياجنا الوحيد أمام الطوفان البشري من الجوار وتدفقهم دون قيد مضاعفين أوجاع الاستهلاك المنهك والأمراض والتخلف' والأخطر ادعاء كثيرين منهم سودانيتهم رغم اختلاف الوجه واليد واللسان بل حصول بعضهم على الجنسية ب " اللفة" ما يقتضي الغربلة من الاستقلال إلى اليوم بدقة وعزم.
.. تصميم مشروع وطني ممرحل يضم أهم البرامج التنموية المرجوة وفق أولويات بنخبة من المختصين يطرح بتوسع لتلتف حوله القاعدة الشعبية وتتبناه بهمة واقتناع واسع.
.. تمركز القوات المسلحة خارج العاصمة .. العتيقة منها والطارئة تحسبا لاشتباكات محتملة وطمأنة للناس وتحجيما لامتلاك الأفراد العاديين السلاح تحوطا وتحسبا.
.. التوسع في التصنيع الزراعي مدخلنا للانطلاق لمواكبة العالم المتوثب حولنا وللحد من التهريب عبر الحدود.
.. منع استيراد الكماليات المستفزة في هذا الظرف الدقيق فالأولوية للضرورات.
.. تبني مشروعات الطاقات المتجددة وعلى رأسها قوى الرياح والشمس وكلتاهما متوافرة.
سادتي
لا أدعي أن طرحي يعد الأمثل وسدرة المنتهى لكنه طموح مواطن مهتم يصيب ويخطئ من أجل وطن نحمله في أحداقنا حيث كنا ونعود إليه بلهفة مرددين:
كيف نسيت الضفة
والنيل هان عليك
والله مشتاقين
أنور محمدين
صفحة أشواط العمر في فيس
سياتل